بعيداً عن الأسباب الدينية التي تمنع المسلمين من تناول المشروبات الكحولية، هناك أيضاً الكثير من الأسباب الصحية التي يثبتها العلم ومنها مثلاً صحة الأسنان.

في مقالة جديدة نُشرت في مجلة ميكروبيوم الشهر الماضي، أجرى الباحثون دراسة كبيرة على البالغين في الولايات المتحدة الأمريكية ومن نتائجها أن المشروبات الكحولية تقتل بكتيريا الفم المفيدة، في حين تزيد من نسبة البكتيريا الضارة في الفم.

يقول الدكتور هارولد كاتز – طبيب أسنان من كاليفورنيا وحاصل على درجة علمية في علم البكتريولوجيا – “باختصار، تحتوي أفواهنا على مليارات البكتيريا المفيدة، وكذلك تلك التي يمكن أن تؤدي إلى تسوس الأسنان، وأمراض اللثة، وتراكم الترسبات، ورائحة الفم الكريهة”.

وأضاف “هناك معركة مستمرة تحدث في فمك بين هذين الفريقين الذين لديهم أهداف معاكسة. تعمل البكتيريا النافعة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع في إنتاج بروتينات مفيدة، التي تمنع بدورها تراكم البكتيريا الضارة”.

ووجد الباحثون في دراسة أجريت على 1,044 من البالغين بناء على عينات من غسول الفم، أن أولئك الذين كانوا يشربون الكحول أكثر كان لديهم نسبة أكبر من البكتيريا الضارة على اختلاف أنواعها، منها Neisseria التي يمكن أن تساعد في تطوير أمراض السرطان وفقاً للأبحاث.

وعلى العكس، كانت المشروبات الكحولية تقتل البكتيريا المفيدة في الفم لهؤلاء الذين يشربون الكثير من الكحول.

هذه النتائج ليست مفاجئة بالنسبة إلى دكتور هارولد كاتز

 

في الدراسة، تم تصنيف عينة الاختبار إلى فئات (لا يشربون الكحول، يشربون باعتدال، يشربون بكثرة)، كما تم تصنيف أنواع الكحول المختلفة.

ماذا يعني هذا لصحة فمك؟

وفقاً للدكتور هارولد، حتى الخلل الصغير في توازن الميكروبات في الفم يمكنه أن يحدث العديد من المشاكل، بما في ذلك رائحة الفم الكريهة، وجفاف الفم، وتسوس الأسنان، وأمراض اللثة، وفقدان الأسنان في بعض الأحيان.

ببساطة، الكثير من البكتيريا الضارة هو أمر سيئ لصحتك.

وأوضح الدكتور هارولد أن البكتيريا المفيدة – مثل المجموعات الموجودة على الأسنان التي تساعد على مهاجمة البكتيريا الضارة – ضرورية لصحة الفم.

وتساعد الرطوبة الموجودة في الفم على نمو البكتيريا الجيدة، والكثير من الآثار السيئة للكحول قد تنجم عن التسبب في جفاف الفم.

وقال كاتز: “من خلال إزالة اللعاب النافع من التجويف الفموي مؤقتًا ، نخلق بيئة تسمح بعد ذلك لمجموعات البكتيريا – بما في ذلك البكتيريا اللاهوائية المنتجة للكبريت والمتسببة في رائحة النفس الكريهة – للاستحواذ على البيئة” وأضاف “يؤدي اللعاب العديد من الوظائف القيّمة بما في ذلك الوقاية من رائحة الفم الكريهة، وتسوس الأسنان عن طريق تخزين الأحماض الفموية وإيصال المعادن الثمينة للحفاظ على صحة الأسنان واللثة. وبالتالي، فإن الكحول – سواء في المشروبات الكحولية أو في غسول الفم – قد يعيث فساداً على التوازن الهش في الميكروبات الفموية”.

ماذا يعني لصحتك؟

ومع ذلك ، فإن الاهتمامات الصحية المحتملة لا تنتهي بالفم. وفقا للباحثين، أظهرت الأدلة أن عدم توازن البكتيريا الفموية يرتبط بأمراض بالفم مثل التجاويف.

وقد يكون متصلاً بأمراض أكثر عمومية أيضًا، بما في ذلك سرطان الجهاز الهضمي وأمراض القلب والأوعية الدموية.

وقال الدكتور هارولد كاتز “العديد من الدراسات تظهر أيضاً أنه حتى الشيء الذي يبدو غير منطقي مثل نزيف اللثة … بعد تنظيف الأسنان بالفرشاة أو الخيط، قد يؤدي في النهاية إلى مشاكل طبية خطيرة”.

“نزيف اللثة هو حرفياً جرح مفتوح، والذي يسمح بعد ذلك للبكتيريا الفموية والسموم المرتبطة بها بدخول مجرى الدم. وقد أظهرت دراسات عديدة وجود صلة قوية بين نزيف اللثة والحالات الطبية مثل زيادة الأزمات القلبية والسكتات الدماغية والضعف الجنسي لدى الرجال وحتى وزن الولادة المبكرة المنخفض عند الأطفال، لأن هذه السموم يمكنها حتى عبور المشيمة “.

ما الذي يمكنك عمله؟

أسهل طريقة لتقليص الآثار السلبية للكحول على الفم هي بالتوقف نهائياً عن احتساء المشروبات الكحولية، والتقرّب إلى الله بالصوم والعبادة.

كما يجب عليك أيضاً الابتعاد عن أي غسول فم يحتوي على الكحول في مكوناته، حيث أن له تأثير سيئ.

أمّا معجون الأسنان، قم بشراء واحد بمكونات لطيفة، مثل الصبار ، وتجنب تلك التي تحتوي على كبريتات لوريل الصوديوم.

أيضا، يجب عليك اختيار فرشاة الأسنان الناعمة، وبالطبع، لا تنسى الخيط.

“لا توجد طريقة أفضل للتخلص من جزيئات الطعام عالقة بين أسنانك، والتي تعمل كمصدر للوقود للبكتيريا الفموية” قال كاتز متحدثاً عن خيط الأسنان.

جدير بالذكر أنّه هناك حاجة إلى إجراء بحث إضافي لفهم الصلة بين استهلاك الكحول وبكتيريا الفم الضارة بشكل أفضل.

وتقدّم نتائج هذه الدراسة الجديدة رؤية مثيرة للاهتمام وهي أن المشروبات الكحولية تقتل البكتيريا المفيدة في الفم، كما أنّها تحثنا على الاهتمام برعاية صحة الفم والأسنان.