تنشأ العادات من خلال عملية تبدأ بالتحفيز ثم تليها السلوكيات ثم لاحقاً المكافآت، فعندما تحصل على مكافأة من سلوك ما سوف تستمر في عمله.

وإذا لم تكن متعمداً بخصوص السلوكيات والمكافآت، سوف تتطور لديك عادات سيئة، هذه العادات تؤدي إلى التخريب الذاتي، والفشل، وسوء الحالة الصحية، وعلى الجانب الآخر تساعد العادات الجيدة على تعزيز الصحة والسعادة وتحقيق الأحلام.

الآن إلى السؤال المهم: كم يحتاج التخلص من العادات السيئة من وقت؟ يقول البعض 21 يوم والبعض الآخر يزعم أن الوقت المطلوب يقترب من الشهر، لكن ما هي الإجابة الصحيحة؟

التخلص من العادات السيئة

ليس هناك عدد سحري من الأيام للتخلص من إحدى العادات، ولهذا السبب اقترح بعض الباحثين عدة طرق مختلفة لفهم تشكيل العادة في الأساس.

قاعدة (أو خرافة) 21 يوم

واحدة من أشهر وأقدم البحوث حول هذا الموضوع هي سايبرنيتيكش النفسية عام 1960 من قبل ماكسويل مالتز، كان وقتها الدكتور مالتز جراح تجميل ويرغب في فهم كيفية نظر الناس إلى أنفسهم، وبشكل أكثر تحديداً كان يريد معرفة الوقت الذي سوف يستغرقه المريض حتى يعتاد على التغييرات التي حدثت جراء الجراحة.

استناداً إلى مراقبة مرضاه والتأمل في العادات الخاصة، وجد أن الناس استغرقت 21 يوماً على الأقل للتكيف مع التغيرات الجديدة، وقد استخدم هذه المعلومات كأساس للعديد من الوصفات.

منذ ذلك الحين، بدأ مفهوم 21 يوم لتغيير العادات في الانتشار بين الناس، ونسى الناس أن هذا المفهوم يقول “ما لا يقل عن 21 يوم” ولم يقل “يستغرق 21 يوم لتشكيل هذه العادة الجديدة”. أي أن الرجل قال بأن الإنسان يحتاج على الأقل 21 يوم ليبدأ في تغيير العادة، وليس العكس.

نظرية الشهر

هناك اعتقد شعبي آخر في ثقافة المساعدة الذاتية ينص على أن العادات تأخذ من 28 : 30 يوم للتشكيل.

أحد المؤيدين لهذه القاعدة “جون رودس” يقول

يجب أن تعيش بوعي لمدة 4 أسابيع مع التركيز عمداً على التغييرات التي ترغب بها، وبعد مرور 4 أسابيع، ستحتاج إلى بذل جهد ضئيل للحفاظ عليها.

كان هذا الرقم متفق عليه بشكل عام، لكن قاعدة 21 يوم كانت أكثر جاذبية للكثير من الناس لأنه من السهل فهمها – من جهتهم – كما أنها أسرع من قاعدة 28 : 30 يوم.

الإطار الزمني لتغيير العادات يختلف

بينما تُلبي كلا القاعدتين في الأعلى (21 يوم والشهر) رغبتنا في التغيير السريع، خرجت دراسة في 2009 من كلية لندن الجامعية تشير إلى أن الوقت المطلوب لحدوث التغيير قد يطول عن ذلك بكثير. حيث ذكر البحث الذي نُشر في المجلة الأوروبية لعلم النفس الاجتماعي أن تشكيل العادة استغرق فترة تصل إلى 12 أسبوع في الدراسة التي أجريت على 96 شخص.

وخلص بعض الباحثين إلى أن المدة الزمنية التي يستغرقها تشكيل العادة يتفاوت ما بين 18 إلى 254 يوم، وفي المتوسط وجدوا أن 76 يوم هو الأرجح.

بناء عادات جديدة للتخلص من العادات القديمة

فهم العلاقة بين تشكيل عادات جديدة والتخلص من العادات القديمة يجعل العملية أسهل. الدكتور إليوت بيركمان، مدير مختبر العلوم العصبية الاجتماعية والوجدانية، في قسم علم النفس بجامعة أوريغون يقول:

من الأسهل أن نبدأ في عمل شيء جديد على التوقف عن فعل شيء معتاد بدون سلوك بديل.

الإقلاع عن عادة قديمة يكون صعباً لأنك برمجت نفسك على أنك ترغب في القيام بها، على سبيل المثال، الإقلاع عن التدخين يشكل تحدي بعيداً عن الإدمان البدني للنيكوتين. فطقوس استعداد الشخص للتدخين هي أحد أهم الجوانب التي تجعل من الصعب الإقلاع عن التدخين. من أجل التخلص من هذه العادة السيئة، يحتاج الشخص للعثور على شيء لملء الفراغ الذي تتركه طقوس التدخين.

انظر أبعد من الوقت

هناك الكثير من المتغيرات التي تحدد الوقت الذي قد يستغرقه شخص ما في التخلص من العادات السيئة القديمة، كما أن الوقت نفسه ليس العامل الوحيد الذي يجب التفكير فيه عندما تبني عادات جديدة.

الدكتور توماس بلانتي، مدير معهد الروحانيات والصحة، في قسم علم النفس بجامعة سانتا كلارا، والأستاذ السريري المساعد في قسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في كلية الطب بجامعة ستانفورد يشرح:

أحد الأمور الهامة هو إلى أي درجة ترغب فعلاً في التخلص من العادة المعنية. ثانياً، درجة ثبات وقوة العادة التي تسبب المشكلة؟ فمن الأسهل بناء عادة جديدة على التخلص من القديمة. ثالثاً، ما هي عواقب عدم التخلص من هذه العادة؟

على سبيل المثال، إذا كنت تضع هدف جديد بالذهاب إلى الصالة الرياضية لممارسة التمارين، وفي الوقت نفسه تستمتع بالكسل على الكرسي المريح أمام التلفاز لوقت طويل، سيكون من الصعب عليك بناء عادة ممارسة التمارين الجديدة.

وإذا كنت تمارس عادة سيئة لفترة طويلة من الوقت، سيكون من الصعب عليك التخلص منها، لأنك قمت بالكثير من التكرار لهذا السلوك.

العامل الرئيسي هنا هو أهمية ممارسة التمارين بالنسبة إليك، إذا كان الأمر يتعلق بالحصول على شكل أفضل لجسمك والتخلص من بعض الوزن الزائد، ربما لا تجد الإرادة الكافية لتحقيقها، لكن إذا أخبرك الطبيب مثلاً بضرورة ممارسة التمارين لمخاطر صحية كبيرة، سيكون هذا حافزاً أكبر بكل تأكيد.

يذكر الدكتور بلانتي أيضاً أن الأشخاص الذين يميلون إلى الوسواس والذين يعانون من الإدمان قد يكون لديهم صعوبة في التخلص من العادات بالمقارنة بالشخص العادي.

لا تُحدد وقت للتغيير

أكبر التغييرات لا تحدث بين عشية وضحاها، وربما لن تحدث في 21 يوم. خصص لنفسك شهرين على الأقل للتغيير، لكن ضع في اعتبارك أيضاً أن التخلص من العادات السيئة لديك يختلف عن أي شخص آخر. فإذا قمت بتكرار هذه العادة السيئة لفترة طويلة، قد تحتاج إلى المزيد من الوقت لتغييرها.

بغض النظر عن الوقت الذي قد يستغرقه تغيير العادات، معالجة العادات السيئة واستبدالها بأخرى جيدة أمر ضروري بالنسبة لك كي تعيش حياتك بشكل أفضل. العادات السيئة يمكن أن تعرقل تحقيق إمكاناتك الكاملة، كما أنها يمكن أن تجعلك مريض وغير منتج وغير سعيد. بعض العادات السيئة حتى يمكن أن تكلفك علاقاتك وحياتك، بينما تساعدك العادات الجيدة على النجاح في جميع جوانب حياتك.

صحتك وعافيتك، وقدرتك على التواصل مع الآخرين، وقدرتك على تحقيق أحلامك تبدأ مع العادات الجيدة.

التصنيف:

حياة,

آخر تحديث: أكتوبر 13, 2019

الوسم: