كثير من المرضى الذين يعانون من اضطرابات الأكل لا يتناولوا سوى مجموعة محدودة من الأطعمة. نظرًا لتطور اضطراب الأكل لديهم، فقد يتوقفوا عن تناول الأطعمة التي قد تسمن أو تحتوي على سكر. أو ربما الأطعمة الخالية من النشا أو خالية من الغلوتين أو تتخذ قرار بـ “تناول الطعام النظيف”.

ربما أصبحت نباتيًا أو ربما تتجنب الخضروات لأنك تتضايق من بلعها أو ربما لا تسمح لنفسك بتناول الحلويات لأنك لا تصدق أنك تستطيع قصر نفسك على الطعام الطبيعي. إذا كانت أي من هذه القيود تساهم في أعراض اضطراب الأكل لديك، فسيتطلب التعافي زيادة تنوع طعامك.

إن عواقب التقيّد في تناول الطعام قد تسبب عجزًا غذائيًا، ووزن منخفضً جدًا لجسمك، وتسهم في الانخراط في سلسلة من الشره أو التطهير المعوي. كل هذا يمكن أن يسبب مضاعفات طبية خطيرة. حيث تعد زيادة مجموعة الأطعمة التي يتم تناولها هدفًا رئيسيًا للمرضى الذين يعانون من أي اضطراب في تشخيص الأكل، سواء كان فقدان الشهية العصبي أو الشره المرضي العصبي أو اضطراب الشراهة عند تناول الطعام أو اضطرابات التغذية أو الأكل المحددة الأخرى (OSFED) أو اضطراب تناول الطعام المقيِّد المتجنب ARFID.

زيادة تنوع الطعام أثناء التعافي من اضطرابات الأكل

هناك العديد من أسباب توسيع نطاق نظامك الغذائي، و ينطبق بشكل خاص على الأفراد الذين يتعافون، حيث:

يرتبط النجاح في العلاج السلوكي المعرفي للشره المرضي والشراهة عند تناول الطعام بكونه أكثر مرونة. فالعلاج السلوكي المعرفي (CBT) لاضطرابات الأكل هو العلاج الأكثر دراسةً وبحثاً للشره المرضي العصبي واضطراب الأكل بنهم. فهو يعتمد على النموذج المعرفي، الذي يجد أن الأكل المقيد يحافظ على دورة الشراهة والتطهير المعوي. فالعلاج لكسر هذه السلسلة يتطلب الحد من ضبط النفس. تشير الأبحاث إلى أن المرضى الذين يتبنون عادة الأكل المرن تنخفض لديهم نسبة الأكل الشره والتطهير المعوي.

يرتبط العلاج الناجح لفقدان الشهية العصبي بنظام غذائي أكثر تنوعًا. وأحد الأعراض المهمة لفقدان الشهية العصبي هو اتباع نظام غذائي مقيد؛ لذا فالتوسع في هذا النطاق الغذائي هو هدف علاجي مهم. كشفت الأبحاث أن الأفراد الذين نجحوا في الحفاظ على الشفاء من مرض فقدان الشهية العصبي اعتمدوا نظامًا غذائيًا أكثر تنوعًا. كما يُظهر أنهم أكلوا الأطعمة التي كانت أعلى في الدهون والسعرات الحرارية.

إن اتباع نظام غذائي أكثر تنوعًا يقلل من فرصة الإفراط في تناول أي طعام يحتوي على مواد غير صحية بكميات أكبر. ويبدو أننا كل أسبوع نكتشف أن الطعام الجديد يرتبط ببعض المخاطر الصحية الرهيبة. ففي أحد الأعوام كان لحم الخنزير المقدد. وفي السنوات الماضية، كانت المخاطر بشان الغلوتامات أحادية الصويا أو الصويا أو الزئبق في الأسماك. على الرغم من إثبات أن العديد من هذه المخاطر قليلة أو غير صحيحة، إلا أن أفضل طريقة للاحتياط منها هي توسيع نطاق نظامك الغذائي وعدم تناول أي طعام بمفرده. فهذا يقلل من خطر التعرض الشديد لأي مادة خطرة سواء من الناحية النظرية أو في الواقع. وبالمناسبة، إن تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة يزيد من فرص الحصول على جميع العناصر الغذائية اللازمة لصحة جيدة.

تُعد المرونة مهمة للأشخاص الذين لديهم حساسية من عدم توازن الطاقة، حيث يأخذون سعرات حرارية أقل من الاحتياجات، (مثل العديد من المرضى الذين يعانون من اضطرابات الأكل). قد يتعرض الأفراد الذين يتناولون نظامًا غذائيًا محدودًا لخطر أكبر في الحصول على طعام غير كافٍ عندما تكون خياراتهم محدودة. على سبيل المثال، يمكن أن يكون القيام برحلة على الطريق السريع، و خلالها يكون خيار الطعام الوحيد هو مطعم للوجبات السريعة، مشكلة بالنسبة لشخص يرغب فقط في تناول سلطة جانبية. عدم الرغبة في تناول ما يكفي من الأطعمة الغنية بالطاقة يمكن أن يؤدي إلى اختلال التوازن في الطاقة، والذي بدوره يمكن أن يعيد تنشيط اضطراب الأكل.

يمكن أن تؤدي مجموعة محدودة ومتنوعة من تناول الطعام إلى إعاقة الفرص الاجتماعية إلى حد كبير، وكثير منها يحتوي على وجبة الغذاء كمحور رئيسي. قد لا يتمكن الأفراد الذين لا يتناولون الطعام في أماكن مختلفة وتناولون الأطعمة المختلفة من الانضمام إلى الأصدقاء في أنشطة معينة أو قد يشعرون بأنهم مضطرون لتناول الطعام بمفردهم. قد يفرض هذا التقييد قيودًا على قدرة الشخص على المرح والاتصال بالآخرين.

إن الحد من تناول الطعام قد يقلص عالم الطعام الخاص بك. وتعتبر تجربة الأطعمة الجديدة جانبًا لا مفر منه في السفر وهي واحدة من أكثرها الأمور إثارة حقيقةً. فالأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل ثم يسافرون أثناء أوقات المرض أو حتى أثناء الشفاء المبكر يعانون بشكل عام من الأطعمة غير المألوفة. لقد سافر البعض إلى بلدان معروفة بأطباقها المذهلة وأضاعوا على أنفسهم فرصة الاستمتاع حتى بطبق واحد!

في حين أن تناول الأطعمة نفسها بشكل متكرر قد يعطي شعورا بالأمان، فإنه غالباً ما يؤدي إلى “الإرهاق” في تناول الطعام. لذا يساعد تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة في الحفاظ على اهتمام صحي بالغذاء. بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل والذين يتناولون الطعام نفسه بشكل متكرر يؤكدون شعورهم بالملل من هذا الطعام. كما أنهم يشيرون الى رغبة ورضا أقل عن تناول الطعام. وتدعم الأبحاث الحدس القائل أن معظم الناس سوف يتعبون بسرعة حتى من طعامهم المفضل إذا كان الخيار الوحيد لديهم، وربما يقلل من فقدان الوزن مما قد يزيد من خطر الانتكاس.

باختصار، في حين أن التقيد بنوع طعام محدد قد يقلل من قلق الشخص على المدى القصير، إلا أن هذه الراحة لا تخلو من التكاليف. فالتنوع ليس فقط توابل الحياة بل قد يكون مفتاح التعافي.

كيفية التعامل مع زيادة مرونة الطعام

إن زيادة مرونة نظامك الغذائي ليس عادة أحد الأهداف العاجلة للتعافي إلا إذا كان نطاق الأطعمة مقيدًا للغاية وزيادة الوزن مهمة، فزيادة الوزن غير ممكنة دون زيادة في المرونة. وفي أغلب الأحيان، تتم معالجة المرونة المتزايدة قليلاً في العلاج بمجرد تناول المريض للوجبات بانتظام.

بمجرد أن يكون المريض جاهزًا للبدء في معالجة مرونة الغذاء، يصبح البدء بوضع قائمة بالأطعمة المحرمة أمر شائع. وهي عادة ما تكون عناصر غذائية لا يسمح المريض بتناولها (أو يستهلكها فقط أثناء ممارسة الشراهة). والخطوة التالية هي إدخال هذه الأطعمة ببطء في النظام الغذائي باعتدال. فهذا مثال على علاج التعرّض.

في العلاج بالتعرّض، يواجه المرضى مواقف وأشياء تجعلهم قلقين. وعلى مدار فترات التعرض المتكرر للشيء المخي، يتعلمون أنه لن يحدث شئ سيء ويقل خوفهم.

قد يكون التعرض للأطعمة الممنوعة مخيفًا لكنه فعال جدًا. على النقيض من ذلك، كلما طالت مدة تجنبك لشيء ما، أصبح الأمر أكثر رعباً.

نصائح لمقدمي الرعاية للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل

إذا كنت تهتم بطفل مصاب باضطراب في الأكل، فستحتاج أيضًا إلى المساعدة في زيادة مرونة نظامه الغذائي.

يجب أن يكون هدف طفلك هو إعادته إلى تناول جميع الأطعمة التي اعتاد تناولها قبل عامين من ظهور أي علامات على وجود اضطراب في الأكل. عند العودة إلى الوراء، يدرك العديد من الآباء أن أطفالهم يتخلصون ببطء من الأطعمة من نظامهم الغذائي لمدة تصل إلى سنتين أو ثلاث سنوات قبل تشخيص اضطراب الأكل بالفعل.

لهذا السبب، يوصى بالعودة إلى هذا الحد أو أبعد لتكوين خط أساس لسلوك أكل طفلك. ولا تسمح لطفلك القاصر بالتوقف عن إعادة الإدماج الكامل للأطعمة الممنوعة. لأن مساعدة طفلك على الاستمتاع بأوسع مجموعة من الأطعمة تضمن  شفائه الكامل وحياته بحرية.

كلمة منّا

يستغرق التعافي من اضطراب الأكل وقتًا وشجاعةً. بمجرد دمج الأطعمة التي تخشاها بنجاح، ستتمكن من الاستمتاع بعلاقة أكثر استرخاء مع الطعام.

[toggle title=”المصادر” state=”close”]
  • Epstein, Leonard H., Jennifer L. Temple, James N. Roemmich, and Mark E. Bouton. 2009. “Habituation as a Determinant of Human Food Intake.” Psychological Review 116 (2): 384–407. https://doi.org/10.1037/a0015074.
  • Latner, J. D. & G. T. Wilson 2000. “Cognitive-behavioral therapy and nutritional counseling in the treatment of bulimia nervosa and binge eating.” Eating Behaviors 1: 3-21.
  • Schebendach, Janet E., Laurel E. Mayer, Michael J. Devlin, Evelyn Attia, Isobel R. Contento, Randi L. Wolf, and B. Timothy Walsh. 2011. “Food Choice and Diet Variety in Weight-Restored Patients with Anorexia Nervosa.” Journal of the American Dietetic Association 111 (5): 732–36. https://doi.org/10.1016/j.jada.2011.02.002.
[/toggle]

التصنيف:

صحة, حياة,

آخر تحديث: يناير 24, 2020