كشفت دراسة جديدة عن وجود صلة واضحة بين الحرمان من النوم وزيادة رواسب أميلويد-بيتا-ببتيدات المرتبطة بمرض الزهايمر في الدماغ البشري.

جدير بالذكر أن هذه هي الدراسة الأولى التي تقيس بشكل واضح الزيادة في أميلويد بيتا في مناطق محددة من الدماغ البشري بعد ليلة واحدة فقط من اضطراب النوم.

قامت البحث موضوع الدراسة بتوظيف 20 شخص من الأصحاء وقاموا بقياس المستويات الدنيا من ترسبات أميلويد بيتا في الدماغ باستخدام التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني PET.

وذلك مع تكرار الاختبارات على نفس الأشخاص بعد حرمانهم من النوم لليلة واحدة فقط.

أظهرت النتائج زيادة ملحوظة في مستويات الأميلويد بيتا في المخ بعد ليلة واحدة فقط من الحرمان من النوم، ولوحظت الزيادة بشكل خاص في منطقتين بالدماغ تتسببان عادةً في بدء مرض الزهايمر، الحصين الأيمن والمهاد.

الدراسة التي قادها باحثون من المعاهد القومية للصحة في بيثيسدا تتابع العمل الذي نشرته كلية الطب بجامعة واشنطن في وقت سابق من هذا العام.

وقد أثبتت الأبحاث السابقة وجود علاقة مباشرة بين النوم المتقطع والزيادة في أميلويد بيتا لدى الأصحاء من متوسطي العمر.

تفسيرات مختلفة

بكل صراحة، لا يمكن الجزم بنسبة مائة في المائة وجود ارتباط قوي بين الحرمان من النوم ومرض الزهايمر، أو بمعنى أصح لا يمكن إثبات هذا علمياً.

ففي حين أن تراكم لويحات الأميلويد بيتا في رواسب الدماغ هو بالتأكيد أحد الملاحظات المرضية المركزية في المصابين بمرض الزهايمر، إلا أننا لم نتأكد ما إذا كانت الزيادة الناتجة عن الحرمان من النوم تتراكم على مدى فترة طويلة من الزمن.

أو بمعنى آخر، قد تعود نسب الأميلويد بيتا إلى معدلاتها الطبيعية بعد حصول الشخص على المقدار الكافي من الراحة، نحن لا نعرف يقيناً ما يحدث.

يقول ليون لاك – الأستاذ بجامعة فلندرز – الذي لم يعمل على هذا البحث الجديد، إنّه في حين أن الدراسة مهمة في إظهار آثار الحرمان الشديد من النوم على الدماغ، إلا أن هناك أسئلة رئيسية تحيط بالتداعيات طويلة الأمد.

يستخدم الأستاذ ليون مثال الأسد البحري الأسترالي لشرح كيف يمكن أن يتكيف الحيوان مع أنماط النوم المضطربة أو المتغيرة.

“يمر أسد البحر الأسترالي بحلقات منتظمة (أسبوعية تقريباً) من يومين إلى ثلاثة أيام ن الحرمان التام من النوم بحثاً عن الطعام في البحر، ثم بعد ذلك يتعافى من النوم المفقود في خلال ثلاثة إلى أربعة أيام من النوم والاسترخاء على الشاطئ”

شخصياً لا أعتقد أن مثال أسد البحر الأسترالي قابل للقياس على الإنسان، لأن الكثير من الحيوانات حباها الخالق بصفات لا يمكن للبشر تحملها، غير أننا لا نعلم يقيناً ما إذا كان أسد البحر يُصاب بالزهايمر بسبب نمط النوم هذا أم لا.

ويلاحظ دوج براون – كبير مسؤولي السياسات والأبحاث في جمعية الزهايمر – أنه على الرغم من أن هذه الدراسة الجديدة رائعة، إلا أنها لا تقدّم أي صلة بين الحرمان من النوم والخرف بشكل حاسم.

يقول براون: “على الرغم من أن العديد من الدراسات قد أشارت إلى أن بيتا الأميلويد يتراكم عندما تفتقر إلى النوم، أظهرت أدلة سابقة أن النوم قد يمنح الدماغ فرصة لإزالة كتل بيتا الأميلويد، وللأسف لم يتمكن أي شخص من تأكيد أن الحرمان من النوم يمكن أن يسبب الخرف” وأضاف “هذه الدراسة لا يمكن أن تعطينا إجابة قاطعة، لأنها نظرت فقط إلى عدد قليل جداً من الناس لفترة قصيرة من الزمن، ولا أحد منهم يعاني من الخرف أصلاً”.

فرضية أخرى

هناك فرضية أخرى مثيرة للفضول أثارها الباحثون في هذه الدراسة الجديدة وهي العلاقة بين زيادة رواسب الدماغ من الأميلويد بيتا والمزاج السلبي بعد الحرمان من النوم.

يقترح الباحثون أن الحصين والمهاد يلعبا دوراً رئيسياً في اضطرابات المزاج، ويمكن أن يفسر الارتفاع في أميلويد بيتا بعد الحرمان من النوم هذه التغيرات المزاجية الحادة.

نحن متأكدين من أمر واحد في هذه المرحلة وهو أن النوم بلا شك عملية مهمة للجسم، وعندما يضطرب لأي سبب من الأسباب يمكن أن يؤدي إلى عدد من الأعراض السلبية، جسدياً ونفسياً.

لكن بخصوص العلاقة بين الحرمان من النوم والإصابة بالخرف أو مرض الزهايمر فلم يتم إثباتها بعد.

التصنيف:

صحة, حياة,

آخر تحديث: مايو 15, 2018