كلنا لدينا عادات سيئة، فلا يوجد شخص مثالي في عالمنا هذا، سواء كانت هذه العادة هي تناول الكثير من الحلوى، أو تأخير المهام حتى آخر وقت، أو حتى مشاهدة التلفاز بكثرة وعدم ممارسة التمارين الرياضية، أو العادات الصحية مثل التدخين. جميعنا نفعل هذه الأشياء المضرة لنا بالأساس، على عكس بناء العادات الجيدة.

ربنا تسأل الآن، لماذا لا نتخلى ببساطة عن هذه العادات السيئة؟ الجواب سيكون في مثال بسيط، مع بداية كل عام يضع أغلبنا أهداف العام الجديد، ومنها تغيير بعض العادات السيئة، لكن الأمر ليس بهذه البساطة، لأن الغالبية العُظمى منّا لا يستطيع الالتزام بالتخلص من هذه العادات السيئة.

ما يجعل التخلص من العادات السيئة صعب على أغلبنا، هو أن هذه العادات يتم تكوينها على مدار سنوات من الحياة والخبرات والتجارب، حتى نصل في النهاية إلى التصالح النفسي أو نقول لأنفسها “ربما تكون هذه طريقتي في الحياة” لأن تغيير هذه العادات يكاد يكون مستحيلاً، والسيء في الأمر أنّك كلما حاولت التخلص من هذه العادة القديمة كلما أصبحت أقوى، في كثير من الأحيان.

السبب وراء العادات السيئة

نحن نُكرر دوماً الأشياء التي تُعطينا شعور جيد، حتى لو كنا نعلم أنها لن تساعدنا على المدى الطويل، هذا لأن العادات السيئة مثل تناول الكثير من الحلوى، أو قضاء وقت طويل أمام التلفاز، تعمل على إفراز الدوبامين المسؤول عن الشعور بالسعادة في المخ.

عندما يُدرك المخ أن وظيفة مُعينة تُعطيك شعور جيد، يدفعك إلى تكرار هذه الوظيفة في المستقبل، والمشكلة هنا هو أننا قد نعلم بأن هذه الوظيفة قد تؤدي إلى مشكلة في نهاية المطاف، لكن الشعور المؤقت عند القيام بها في كل مرة يدفعنا للتكرار، ويجعل من الصعب التخلي عن العادة السيئة.

إذا قمت مثلاً بتطوير عادة مشاهدة التلفاز بمجرد العودة من العمل، سوف تبدأ في تجاهل التمارين الرياضية، ما يعتبر عادة أخرى سيئة، وفي الوقت نفسه قد تبدأ في تناول الحلويات أثناء مشاهدة التلفاز، وهي عادة سيئة أخرى تضاف إلى القائمة. فجأة ستجد نفسك تملك ثلاث عادات سيئة بدلاً من واحدة!

الطبيعة البشرية تبحث دوماً عن المكافآت، حتى لو كانت هذه المكافآت مضرة لنا. على سبيل المثال، 70 في المائة من المُدخنين يرغبون في التوقف عن التدخين لكنهم لا يستطيعون القيام بهذا، على الرغم من معرفتنا جميعاً بأن التدخين مُضر جداً بالصحة.

ماذا أفعل؟

العلم يُخبرنا أن تشكيل العادات الجيدة الجديدة أسهل كثيراً من التخلص من العادات السيئة القديمة، لذا ينصح الباحثون بعدم إضاعة الوقت والمجهود في محاولات التخلص من العادات السيئة.

توقف عن الحكم على نفسك

في كثير من الأحيان نبالغ في التفكير على العادات السيئة وكيفية التخلص منها، لكن هذا الأمر يجعلنا نفقد الثقة في أنفسنا، لدرجة أن بعض الباحثون يعتبرون أن المبالغة في التفكير يعتبر عادة سيئة في حد ذاته.

قد تلاحظ أنك عندما تحاول أن تتخلص من العادات السيئة يأتي عقلك بجميع أنواع المبررات المختلفة لتستمر في هذه العادات، فالعادات تجعلك تشعر بالراحة ومن الصعب أن تتخلى عن هذا. علاوة على ذلك، إذا قمت بتكرار العادات السيئة لشهور أو حتى سنوات سوف تُصبح راسخة ويكون من الصعب التخلي عنها.

هناك مثل مُضحك يخرج به المدخنين، ينص على أن قرار الإقلاع عن التدخين يحتاج إلى صفاء ذهني وتفكير عميق و….سيجارة!

يحدث هذا لأنك تشعر بالذنب جراء تكرار هذه العادة السيئة لكن كي تتغلب على هذه المشاعر السلبية تلجأ للعادة السيئة نفسها في كثير من الأحيان.

تغيير التركيز

لهذا ينصح العلماء باتخاذ اتجاه جديد، بدلاً من إجهاد النفس في محاولة التخلص من العادة السيئة، فكّر في تطوير بعض السلوكيات التي يمكنها أن تمنحك شعور السعادة أو الراحة نفسه بدون الآثار السلبية على الصحة الجسدية أو النفسية.

إذا كنت متأكد من أن عادتك الجديدة سوف تجعلك تشعر بتحسّن، سوف يساعدك هذا في الحصول على التحفيز الذي تحتاج إليه، ويصبح الأمر أسهل كثيراً من التخلص من عادة سيئة.

عندما تحاول أن تتخلص من عادة سيئة قديمة وتكتسب سلوك جديد أفضل، ستحتاج إلى التفكير بشكل بحثي. فكّر بعُمق في الأمر وتخيّل أنك تساعد صديق لك بدلاً من التركيز على نفسك، وسيجعلك هذا في الرؤية بشكل أوضح.

أولاً، فكّر في الأسباب الرئيسية لهذه العادة السيئة واطرح على نفسك أسئلة من نوعية (لماذا بدأت ممارسة هذه العادة؟ وما الذي حفّزك على الاستمرار فيها؟ مثلاً).

الخطوة التالية ستكون ابتكار عادات جديدة تعطيك نفس مستوى الراحة للعادات السيئة.

الاستمرار

نعلم جميعاً أن العادات السيئة تعطي إحساس بالراحة، لكن يمكنك تغيير هذا.

تذكّر أن العادات تُصبح أكثر ترسيخاً لديك مع مرور الوقت، وكلما قمت بتكرار نفس السلوك – سواء كان جيد أو سيئ – كلما أصبح من السهل ترسيخه لديك.

لهذا ننصح بأن تجعل من فعل تكوين العادات الجيدة عادة في حد نفسها، وذلك بأن تبدأ عادات جيدة كل فترة وجيزة، وكلما استمريت في هذا الأمر كلما أصبح من السهل عليك تكوين العادات الجيدة وعيش الحياة التي ترغب فيها.

التصنيف:

حياة,

آخر تحديث: أكتوبر 13, 2019