قد يتفاجئ بعض الآباء من هذا العنوان “النرجسية عند الأطفال” ويظنون أن النرجسية هي صفة تتكون لدى البالغين فقط.

لكن هذا اعتقاد خاطئ تماماً، فالأطفال أيضاً يمكن أن تنشأ لديهم هذه الصفة البذيئة، لذا يجب الانتباه إلى علاماتها والتخلص منها بأسرع وقت ممكن.

دعونا نضرب لكم مثالاً: أحمد طفل عنده 11 عام قام بكسر اللعبة الخاصة بمحمد في المدرسة لمجرد أنّها كانت أغلى ثمناً من لعبته.

وعندما تقوم أم أحمد بتوبيخه على هذا التصرّف، يرفض ويصر على أنّه لم يفعل أي شيء خاطئ، بل حتى يلوم صديقه على شراء لعبة غالية الثمن ويقول “لم يكن عليه شراؤها، أو يظهرها لي”.

يمكن أن يكون هذا السلوك مؤشر على اضطراب الشخصية النرجسية عند الأطفال – أو اختصاراً NPD – وقد تُصبح مشكلة بالنسبة للطفل على المدى البعيد.

اضطراب الشخصية النرجسية عند الأطفال هو حالة ذهنية متقدمة بالمقارنة مع النرجسية العادية.

ما هو اضطراب الشخصية النرجسية؟

عندما يكون اضطراب الشخصية مرتبطاً بحب الشخص الشديد للنفس، والإعجاب بالنفس وأهميتها، وأن تكون متطلباته ورغباته أهم من أي شيء آخر، يسمى هذا اضطراب الشخصية النرجسية. (مصدر)

في هذه الحالة يعتقد الطفل أنه أعلى من الجميع، ويستحق أن يُعامل بشكل أفضل من أي شخص آخر، كما يكون لديه تجاهل تام لمشاعر الآخرين.

مع ذلك، إذا كان الأمر مجرد حب الذات أو الأنانية البسيطة لا يجب أن نُطلق عليها اضطراب الشخصية النرجسية، والآن دعونا نرى الفرق.

طفل عادي أم طفل مصاب بالنرجسية

 

طفل عادي

طفل مصاب بالنرجسية

الطفل العادي يحتاج إلى الاهتمام حسب فئته العمرية، وعادةً ما يكون ممتن لهذا الاهتمام ومقدراً له. يعتقد الطفل أن الاهتمام حق من حقوقه، لكنه لا يعبر عن امتنانه للوالدين حتى عند كونهم لطفاء.
يطمح الطفل أن يكون كبيراً أو يلعب دور البطل الخارق، ولكنه يعلم في قرارة نفسه أن هذا ليس صحيحاً. يعتقد الطفل أنّه شخص عظيم والآخرون أقل منه.
احتياجاته واقعية ويمكن الوفاء بها. لديه توقعات مرتفعة جداً وغير معقولة.
يستطيع تكوين صداقات ولديه علاقة جيدة مع العائلة. يجد صعوبة في تكوين صداقات والحفاظ عليها.

مصدر

علامات أو سمات النرجسية عند الأطفال

إذا وجدت العلامات أو السمات التالية مجتمعة، قد تكون دليل على اضطرابات الشخصية النرجسية لدى طفلك:

  • مستويات مرتفعة من أهمية الذات
  • أفكار غير واقعية عن إنجازات وقوة لا حدود لها
  • يشعر أنّه يستحق كل ما يطلبه
  • النفور من النظر إلى عين المتحدث
  • قلق الانفصال
  • يعتقد أنه أفضل من جميع الأطفال الآخرين
  • يتوقع الاحترام الهائل والحب من الجميع
  • لديه نمط سلوكي انتهازي
  • لا يتفهم احتياجات الكائنات الأخرى، حتى الحيوانات
  • غطرسة
  • المبالغة في القدرات الشخصية
  • طبيعة استغلالية
  • حسود تجاه إنجازات الآخرين
  • سلوكه رسمي حتى في العلاقات الشخصية
  • لا يتقبل النقد البناء، ويتأذى منه ويعتبره إهانة
  • إلقاء اللوم على الآخرين لفشله الشخصي

إذا كنت تعتقد أن طفلك لديه عدد كبير من هذه الصفات، قد يكون مصاباً بالنرجسية NPD. مصدر1، مصدر2

أسباب اضطراب الشخصية النرجسي

الأسباب الدقيقة لاضطراب الشخصية النرجسي غير معروفة بشكل محدد، ومع ذلك يُعتقد أن العديد من العوامل مثل تجارب الطفولة المبكرة، والأجواء المحيطة، والأسباب النفسية تؤدي إلى مثل هذه الحالات العقلية. (مصدر)

بعض الأسباب تشمل:

  • إهمال الوالدين، والآباء المنفصلين أو الغير مسئولين تجاه رعاية الطفل.

 

  • الأبوة المفرطة، حيث لا يتعرف الآباء على الحد الفاصل بين الحب والرعاية، والهوس والتحكّم الزائد.
  • التدليل المفرط في الطفولة، أو أن يكون الطفل الذهبي في الأسرة أو آخر العنقود كما نقول، ويتم الإشادة بأي شيء يقومون به دون تمييز.
  • آباء نرجسيون، يمكن للوالدين التأثير على الطفل من هذه الناحية، حيث يعتقد الوالدين أن القرارات الفردية للطفل هي تهديد لهم، وبالتالي يعملون على حدها، لكن هذا السلوك يجعل الطفل نرجسياً فيما بعد عندما يكبر، ظناً منه أن هذا أمر طبيعي.
  • الكثير من النقد السلبي يجعل الأطفال يشعرون بالسوء عن أنفسهم وعدم الاكتفاء، لذلك يطورون النرجسية كآلية دفاعية.
  • طفل بالتبني أو الآباء مطلقين، حيث يشعر الطفل بعدم الأمان والضعف، وفي الغالب يشعر أنه غير محبوب، لذلك يساعده حب الذات على الاستمرار في الحياة.
  • التوقعات غير العقلانية من الآباء يمكن أن تجعل الطفل يعتقد أنّه في مرتبة عالية جداً أو منخفضة جداً. في أي من الحالتين يمكن أن تؤدي إلى النرجسية.
  • إساءة المعاملة من أي نوع يمكن أن تجعل الأطفال يشعرون بأنهم ضحايا وغير محبوبين، ويصبحون نرجسيين دون أن يعلمون.

 

  • الحساسية الزائدة لدى بعض الأطفال قد تؤدي إلى النرجسية

 

  • الانحرافات الجينية أو الوراثية يمكن أن تؤدي إلى هذه الحالة العقلية بسبب بعض التغيرات في الدماغ.

 

قد لا يشكل اضطراب الشخصية النرجسي خطراً على حياة الطفل، لكن من الجيد تشخيصه وعلاجه، حتى يكون للطفل سلوك أفضل وحياة اجتماعية أكثر استقراراً.

تشخيص النرجسية

تشمل عملية التشخيص عدد قليل من هذه الخطوات:

  • سيقوم الطبيب في البداية بتقييم الصحة العقلية للطفل
  • سوف يتحدث مع الطفل لفهم مستوى حبه لنفسه وأهميتها بالنسبة له
  • يتم أيضاً تحليل سلوك الطفل تجاه الطبيب لمعرفة ما إذا كان ودي أو متكلف
  • يمكن إجراء فحص بدني لإزالة أي حالة جسدية قد تسبب نفس الأعراض
  • إذا لم يتم العثور على سبب آخر، يأتي الطبيب بخطة للرعاية الصحية الخاصة بالطفل
  • عادة ما يتضمن تشخيص NPD على فهم المريض نفسياً، لذلك يستخدم الأطباء الاستبيانات والتقييمات واختبارات القياس
  • قد يطرح الطبيب أسئلة حول الأداء الأكاديمي للطفل، ونوعية الصداقات، وعدد الأصدقاء…إلخ
  • يحدث التشخيص أيضاً للتأكد ما إذا كانت الحالة هي اضطراب الشخصية النرجسية أم شيء آخر مثل hypomania
  • كما يلاحظ الخبير ما إذا كانت أعراض أو خصائص NPD التي يُظهرها الطفل ثابتة ولا تعتمد على الحالة المزاجية.

الاعتقاد الشائع هو أن الشخص الذي تم تشخيصه بهذا المرض النفسي المعقد سوف يبقى على هذا النحو طوال حياته، مع إمكانية إدارة المرض. (مصدر)

علاج اضطراب الشخصية النرجسية

العلاج الأكثر فاعلية في علاج اضطراب الشخصية النرجسية هو العلاج النفسي وليس العلاج الطبي المباشر.

بعض النماذج العلاجية المستخدمة على نطاق واسع هي:

  1. العلاج السلوكي المعرفي: هنا يتمكن المريض من التعرف على المشكلة، وعلى أنماط التفكير، والسلوك الضار، والسلبية. ويساعد العلاج على تغييرها إلى أفكار إيجابية بناءة.(مصدر)
  2. علاج التحليل النفسي: يستهدف هذا النوع الطفل المتكلف وآلياته الدفاعية ضد الأداء الضعيف، والتفاعل مع الوالدين والأقران. يشمل العلاج أيضاً تقديم المشورة للآباء والأسرة.(مصدر)
  3. العلاج الأسري: إذا كانت النرجسية نتيجة التقييم المفرط والحب المفرط من الوالدين، قد يتحدث الطبيب النفسي مع الوالدين ضد هذا السلوك وينظّم من عواطفهم تجاه الطفل.(مصدر)

قد يصف الطبيب بعض الأدوية المضادة للاكتئاب لأن الطفل في هذه الحالة يميل للاكتئاب، وخلاف ذلك لا يستخدم دواء محدد للطفل.

من المهم أن يتبع الطفل ووالديه العلاج بحذافيره لتجنب أي مضاعفات في المستقبل.

مضاعفات اضطراب الشخصية النرجسية

المضاعفات المحتملة التي قد تنشأ من اضطراب الشخصية النرجسية هي:

  • التساهل مع المخدرات أو الكحول بعد الكبر في السن
  • أزمة في العلاقات مع الأصدقاء والعائلة
  • الإحراج الاجتماعي والافتقار إلى دائرة اجتماعية
  • علاقات صعبة في المدرسة والمنزل

يمكنك تجنب الضرر على المدى الطويل من خلال استكمال العلاج مع الرعاية الشخصية في المنزل.

الرعاية المنزلية للطفل المصاب بالنرجسية

إذا لاحظت أن طفلك يظهر سمات النرجسية، ساعده على فهم العلاقات العاطفية والاجتماعية عبر هذه النصائح:

 

  • كن حازماً ولكن ليس عنيفاً: يمكن للعنف والعدوان أن يجعل طفلك بعيداً عنك تماماً، خصوصاً وأن النرجسيون لديهم تضخم في الأنا ويأخذون الأمور على نحو شخصي دائماً. حاول تأديب طفلك عملياً.
  • قلل من الشعور بالاستحقاق: اجعل طفلك يفهم أنه يشبه الآخرين في العائلة إلى حد كبير، ولن يحصل على معاملة خاصة. على سبيل المثال، إذا كان طفلك يشعر أن أشقائه وأصدقائه ملتزمون تجاهه ويتصرف كأنه الرئيس، أخبره أن هذا السلوك خاطئ لكن بدون سخرية منه.
  • محادثات معتدلة: اجعل طفلك يفهم أن الاستماع إلى الآخرين لا يقل أهمية عن التحدث. يجب أن تكون المحادثات بنسبة 50% استماع و50% تحدث، واحرص على تطبيق هذا في المنزل.
  • توازن في العلاقات: اجعل ابنك يفهم ديناميكيات العلاقات، بدءاً من المنزل. اشرح له كيف تتم مشاركة الأعمال المنزلية بين أفراد الأسرة، وكيف يجب على الجميع مراعاة بعضهم البعض.
  • الحب غير المشروط: لا تجعل حبّك للطفل لشيء ما يفعله، لا تدلله بالهدايا عندما يحقق شيء ما، وتكيل له الشتائم عندما يفشل. حافظ على حيادية حبك وأظهره دائماً.

 

النرجسية ليست مشكلة عقلية أو مرضية، فهي سمة موجودة في كل إنسان مع اختلافات في النسب، وإذا زادت عن الحد أصبحت مرض يجب علاجه.

التصنيف:

حياة, الرجل, المرأة,

آخر تحديث: يونيو 26, 2018