بالنسبة إلينا كبشر، الانطباعات الأولى مهمة جداً وأن تحقق انطباع جيد قبل أول لقاء يُنهي كل شيء، وهناك بعض الافتراضات التي تقول أن أي شخص يبني تصوّر عن شخصيتك في أول 60 ثانية من لقائك به، لكن هذا التصوّر يأخذ وقت أقل من ذلك بكثير، على الأقل حسب علماء النفس “جانين ويليس” و “ألكسندر تودوروف” من جامعة برينستون.

طبقاً للعالمين، يحدث هذا التصوّر الأولي في غضون عُشر من الثانية فقط.

بعبارة أخرى، مظهر الوجه هو الذي سوف انطباع جيد أو انطباع سيء، وفي الوقت نفسه تعمل دماغ الآخر بشكل غريزي في خصائص الإعجاب والكفاءة والثقة والعدوانية.

هنا يأتي السؤال المهم: هل يمكن عكس الانطباع الأولي السلبي الذي يحدث في غمضة عين، أو بطريقة أخرى، كيف تحقق انطباع جيد لدى الآخر قبل أن يقابلك فعلياً؟

جميعنا نُصدر أحكام ونبني افتراضات

نحن لا نصدر الأحكام على الآخرين بمحض إرادتنا، إنها تلك الغريزة البشرية للبقاء على قيد الحياة التي تجعلنا نتخذ قرار الحكم على الآخر من أجل تقرير ما إذا كان شخص ما يستحق التفاعل معه أم لا، بأسرع وقت ممكن.

هناك بضعة أمور تسير في الدماغ في هذا التوقيت بالذات: عدم وجود ذكريات ذات صلة مع الشخص الجديد، يتسبب في عمل الدماغ للتعويض عن نقص المعلومات.

لهذا يحاول المخ إقامة صلات من خلال ما نراه أو نستمع إليه مع التجارب السابقة، أو بمعنى آخر يقوم المخ بتنشيط وضع “البقاء” ليساعدنا في اتخاذ القرار، سواء كان هذا الشخص يستحق اللقاء مرة أخرى أم لا، كما يزن قيمة الشخص بالنسبة إلينا.

ما الذين يمكن أن يؤثر على تصوّر الناس؟

قد تعتقد أن ما تراه هو عامل كبير في الانطباع الأول، وبطبيعة الحال هو كذلك. لكن هل سبق لك أن شكلت تصوّر عن شخص لم تلتقي به من قبل من خلال الاستماع إلى آراء أشخاص آخرين حوله؟

يحدث هذا طوال الوقت لأن الدماغ يميل إلى تكوين قصص أو تخيل المعلومات بقوة استناداً إلى الأفكار والمعتقدات عميقة الجذور.

نتيجة لذلك، عندنا تلتقي بشخص ما بعد سماع آراء عنه من آخرين، فإن كل ما يفعله هذا الشخص سوف يميل إلى تعزيز هذا الانطباع الذي كونه المخ عن هذا الشخص. وإن تصرّف هذا الشخص بأي شكل مختلف عن الانطباع المُتخيّل، سوف يعتبره المخ استثناء لحظي فقط.

لهذا السبب، عندما تُشكّل انطباع عن شخص أنت على وشك اللقاء به، قد يكون من الصعب جداً تغيير كيفية تفكيرك فيه.

معظم الوقت لا ندرك حدوث هذا التحيز من المخ، إذا سمعت مثلاً من أشخاص ثقات أن “محمد” هو رائد أعمال مبادر، وكان تفكيرك في رواد الأعمال المبادرين بأنهم مجرد حفنة من النصابين، سيكون من الصعب جداً على محمد أن يغير رأيك فيه، حتى لو يظهر لك بوادر أي تعاملات مشبوهة.

ليس هذا لأنه شخص سيء، بل لأن تحيز الانطباع الأول قد سيطر على تفكيرك.

التغلب على تحيز الانطباع الأول

نحن جميعاً نرغب في أن نجعل الانطباع الأول جيد مع أي شخص نلتقي به للمرة الأولى، ومن أكثر الطرق شيوعاً لذلك هو المجاملة.

المجاملات هي تلك الهدايا الصغيرة التي يمكن أن تُعطى للآخرين، وخصوصاً عندما تكون ذات مغزى وحقيقية، وتذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- “الكلمة الطيبة صدقة”.

مع ذلك، هناك بعض الخطر من مجاملة شخص تلتقي به للمرة الأولى، وفي هذه الحالة يتعلق الأمر بالكامل بهذا الشخص وليس بك أنت، فأغلب الناس يأخذون المجاملة بدون مناسبة أو بدون معرفة مسبقة بشيء من الحذر، ويعتبرونك شخص تريد جني فائدة من وراء هذه المجاملة، حتى لو لم يكن هذا هو الحال.

هناك طريقة للتغلب على هذا الخطر، من خلال توصيل المجاملة من خلال شخص آخر وسيط بينكما، حيث يقلل هذا من تشكك الطرف الآخر.

يمكن لهذا الوسيط أن يعمل بطريقة أخرى، وهو أن يقوم بقول شيء جيد عنك ما يُشكل فكرة نفسية إيجابية لدى الطرف الآخر.

هذه الاستراتيجية تساعدك في الانخراط مع الناس الذين لم تلتقي بهم من قبل، والعكس صحيح، فإذا قام الوسيط بقول أشياء سيئة عنك سيتم تكوين انطباع سلبي لدى الطرف الآخر.

هناك بعض الأشياء التي يجب وضعها في الاعتبار عند القيام بذلك:

  • لا تجبر أحد على التحدث عنك. المجاملة من خلال الوسيط يجب أن تأتي دائماً من القلب، وأن تطلب من هذا الوسيط أن يقول عنك أشياء جيدة للطرف الآخر لن تبدو حقيقة على الإطلاق، ويمكن في بعض الأحيان أن تؤدي إلى نتيجة عكسية. فقد تأكد من اختيار شخص يعرفك جيداً.
  • اختيار نوع المجاملة بحكمة. تأكد من أنها ليست سطحية كأن تمدح شكل الطرف الآخر، سواء كنت تلتقي بالجنس الآخر أو بصديق جديد، شخصيتك هي ما تولّد التواصل العميق. لذلك يجب أن تكون المجاملة لهذا علاقة بالشخصية، مثل المرح أو الثقافة أو غيرها من الأمور.
  • لا تكذب أو تبالغ. قد يكون من المغري أن تبالغ في المجاملة والمديح عن نفسك حتى يحصل الناس على انطباع جيد عنك، لكن هذا يستمر فقط على المدى القصير. يجب أن تكون المجاملة حقيقية ونابعة من القلب، لأن الكذب سوف ينكشف في نهاية المطاف.

بما أن عُشر من الثانية فقط هو ما يحتاجه الطرف الآخر ليبني انطباع أولي عنك، ستعمل المجاملات من وسيط بشكل ممتاز.

[divider style=”dotted” top=”20″ bottom=”20″]

اقرأ أيضاً:

التصنيف:

حياة,

آخر تحديث: أكتوبر 13, 2019